أخبار وتقارير

صنعاء تستضيف مجلس الأمن الدولي ومصادر ترجح عقد مباحثات مع الأطراف السياسية

يمنات – الأولى

يصل إلى صنعاء اليوم رئيس وأعضاء مجلس الأمن الدولي في زيارة هي الأولى من نوعها لليمن, كما هي إحدى المرات القليلة التي يغادر فيها مجلس الأمن مقره الرئيس في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية إلى بلد أخر.

وأكدت مصادر رفيعة لـ"الأولى" إن رئيس وكامل أعضاء مجلس الأمن الدولي (مندوبي الدول الخمس دائمة العضوية إضافة إلى الدول العشر الأعضاء المؤقتين) سيصلون إلى العاصمة صنعاء في سياق ما تصفه الأخيرة بـ "دعم" و"رعاية" المجتمع الدولي للتسوية السياسية في اليمن ولقرارات الرئيس عبد ربه منصور هادي, في إطار تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.

وفي حين أفادت "الأولى" مصادر دبلوماسية بأن مجلس الأمن سيعقد لقاءات مع الرئيس والحكومة وأطراف سياسية, ولن يعقد جلسة رسمية له, أشارت مصادر أخرى إلى أن إمكانية انعقاد مثل هذه الجلسة قائمة.

وعلمت "الأولى" أن مجلس الأمن سيلتقي, بعد وصول رئيسه وأعضائه صباح اليوم إلى مطار صنعاء, بالرئيس عبد ربه منصور هادي, وفي الساعة الـ11والنصف سيلتقي, ومعه الرئيس هادي, برئيس وأعضاء اللجنة الفنية للتحضير لمؤتمر الحوار الوطني, وعند الساعة الـ12سيلتقي بحضور هادي بممثلي المنظمات الدولية العاملة في الإغاثة وفي مناشط الأمم المتحدة الأخرى في اليمن, وعند الثانية عشرة والنصف ظهراً سيلتقي, ومعه الرئيس أيضاً, بقيادات الأحزاب السياسية على طاولة غداء يقيمها هادي على شرف الضيوف.

وأكدت "الأولى" قيادات في تكتل اللقاء المشترك أنها تلقت مساء أمس السبت, دعوات من دار الرئاسة للحضور عند الـ12والنصف.

الدكتور علي الغفاري رئيس المركز اليمني للدراسات الدبلوماسية, قال لـ"الاولى" إن جميع مندوبي الدول الأعضاء في مجلس الأمن (دائمة ومؤقتة) سيحضرون الى اليمن لعقد اجتماع خاص بمناقشة أوضاع اليمن, باستثناء دولة واحدة سيحضر نائب مندوبها في المجلس, دون أن يحدد هذه الدولة.

وأضاف الغفاري لـ"الأولى" أن مجلس الأمن إذا لم يعقد جلسة رسمية خاصة باليمن خلال هذه الزيارة, فإنه سيخرج على الأقل ببيان ذي مضامين قوية بشأن المرحلة الانتقالية والحوار الوطني, مشيراً إلى أن مجلس الأمن يهدف من وراء هذه الزيارة إلى دعم تنفيذ قرارات الرئيس هادي التي أصدرها في الآونة الأخيرة, ودعمه أيضا لاتخاذ قرارات حاسمة خلال الفترة المتبقية من المرحلة الانتقالية, ومنها ما يتعلق بالنقاط العشرين التي اقترحتها اللجنة الفنية التحضيرية للحوار الوطني.

وتابع: "المجتمع الدولي عامل مساعد لتنفيذ قرارات الرئيس هادي, وفي حال تم تنفيذ القرارات المتعلقة بالنقاط العشرين, فسوف يضمن ذلك مشاركة الجنوب في الحوار الوطني, والقضية الجنوبية هي أم القضايا اليمنية وحلها سيساعد في تقديم عملية الانتقال السياسي".

ولفت الغفاري إلى أن اجتماع مجلس الأمن في اليمن يعد الأول من نوعه في بلد لا يشهد حرباً, حيث جرت العادة بالنسبة للاجتماعات الاستثنائية لمجلس الأمن خارج مقره أن ينعقد في الدول أثناء نشوب حروب أهلية فيها.

ويرى مختصون محليون في القانون الدولي أن زيارة مجلس الأمن إلى العاصمة صنعاء وعقد اجتماع خاص بشأن اليمن, يحمل دلالات ورسائل متعددة الأوجه, تصب جميعها في مجرى تنفيذ التسوية السياسة المستندة إلى المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة بعامي المرحلة الانتقالية, إضافة إلى ما يعينه هذا الحدث من تأكيد القوى الدولية النافذة والمهيمنة على قرار مجلس الأمن الدولي؛ على الأولوية التي باتت تحظى بها اليمن ضمن مشاريعها للمنطقة.

الدكتور محمد محمد الشعيبي أستاذ القانون الدولي بجامعة تعز, يرى من جهته أن اجتماع مجلس الأمن في صنعاء, يعد سابقة في تاريخه مقارنة بطبيعة تجاوب المجلس مع قضايا دولية أخرى أشد إلحاحا, مشيراً إلى أن المجلس مثلا لم يتحرك "بشكل جاد" إزاء الأوضاع المتدهورة في سوريا- مثلاً.

وأضاف الشعيبي أن الرسائل التي يبعثها مجلس الأمن للأطراف اليمنية من خلال اجتماعه في صنعاء, تتمحور حول دعم تنفيذ قرارات الرئيس هادي في ما يتعلق بهيكلة الجيش والمضي في تنفيذ كامل بنود التسوية السياسية المزمنة بحلول عام 2014.

وأوضح أن النظام الداخلي لمجلس الأمن يتيح لأعضائه عقد اجتماعات استثنائية خارج مقره لدواعي الحفاظ على السلم والأمن الدوليين, وأنه ليس بالضرورة أن تعقد هذه الاجتماعات في ظروف الحروب.

وأشار إلى أن الإجراء مبني على متابعة مجلس الأمن للشأن اليمني منذ موافقة أعضائه بالإجماع على المبادرة الخليجية, الأمر الذي قال الشعيبي إنه لم يحدث في تاريخ المجلس أن وافق كافة أعضائه على قضية معينة بدون أي اعتراض, مرجعا ذلك إلى الدور الذي لعبته دول الخليج لدى الأمم المتحدة.

وفيما أبدى الشعيبي تفاؤلاً بجدية مجلس الأمن إزاء الشأن اليمني, ومتابعة تنفيذ التسوية السلمية بين الأطراف السياسية, لم يتوقع أن يخرج اجتماع المجلس في صنعاء بتوصيات قانونية محضة إزاء الحالة اليمنية, بقدر ما سيغلب عليها الطابع السياسي, لافتاً إلى أن سعي الدول الكبرى دائمة العضوية في المجلس وحرصها على مصالحها المرتبطة بمصالح دول الإقليم الخليجية وموقع اليمن الاستراتيجي, أدى إلى طغيان الطابع السياسي على هذا الاجتماع.

كما اعتبر الشعيبي هذا الاجتماع دعماً للحوار الوطني, ورسائل "تطمينية وتحذرية" على حدّ سواء بالنسبة للأطراف التي مازالت متشككة في جدية الحوار الوطني هذه المرة, مشيراً إلى أن الرسالة الأقوى لمجلس الأمن "موجهة للجميع بدون استثناء, أن المبادرة الخليجية وآليتها يجب أن تنجز في موعدها المحدد وأن مجلس الأمن لن يتهاون مع من يعطل سير العملية السياسية خلال المرحلة الانتقالية", حسب تعبيره.

وفي سياق موقف الجنوبيين من المشاركة في الحوار الوطني, قال الشعيبي إنه "لا يمكن لأي طرف سياسي ذكي, في ظل إصرار المجتمع الدولي على إنجاح الحوار؛ أن يرفض الدخول في الحوار الوطني", مستدركاً: "لكن علينا إلا نتطرف ونظن أن مجلس الأمن أو ضغط المجتمع الدولي وحدهما يمكن أن يحلا مشاكل اليمن أو  يجبراً الجنوبيين على الرضوخ لحلول غير منصفة لقضيتهم.

ففي النهاية نعرف أن المجتمع الدولي يتعامل بشكل متغير مع حضور الأطراف على الواقع".

إلى ذلك, تحدث لـ"الأولى" محمد علي المقرعي- الباحث في القانون الدولي وسياقات تدخل الأمم المتحدة لحل النزاعات المسلحة غير الدولية, لافتاً إلى أن اجتماع مجلس الأمن في اليمن بتوقيت كهذا, يمكن أن يكون له هدف ثانوي يتعلق بتقديم نموذج لحل النزاعات المماثلة وترتيب الأوضاع في البلدان التي شهدت ثورات الربيع العربي- كمثال قريب.

وأضاف المقرعي أن الرسالة الأكثر وضوحاً في اجتماع مجلس الأمن هذا, تفيد بأن المجتمع الدولي مستمر في دعم العملية السياسية وتنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها حسب الجدول الزمني الذي تم التوقيع عليه برعاية دولية وإقليمية, بما في ذلك دعم قرارات الرئيس هادي بشأن هيكلة الجيش والتحضيرات لمؤتمر الحوار الوطني.

وتابع: "إذا حضر جميع الممثلين الدائمين للدول الأعضاء في مجلس الأمن اجتماع صنعاء, فيمكن أن يتمخض عن ذلك بيان رئاسي للمجلس يحث الأطراف على المشاركة الفاعلة لإنجاح مؤتمر الحوار, وقبل ذلك, تنفيذ قرارات الرئيس هادي الخاصة بهيكلة الجيش, والنقاط الممهدة للحوار".

واصدر مجلس الأمن منذ العام 2011قرارين بشأن اليمن (2014– أكتوبر 2011– و    2051–يوليو 2012), أسفر الأول عن توقيع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي انتقلت بموجبها السلطة للرئيس هادي وتشكيل حكومة وفاق وطني, بينما أكد في الثاني على وجوب تنفيذ الاتفاق السياسي في الموعد الزمني المحدد بين عامي 2014 -2011.

مراقبون آخرون؛ يرون أن هذه الزيارة وما ينتج عنها, وإن عززت من قوة الرئيس هادي, إلا إنها لم تكون أكثر من "شكلية", معتبرين أن الزيارة التي يرجحون أنها جاءت بناء على طلب من الرئيس هادي سعى المبعوث الأممي الى اليمن جمال بن عمر لدى المجلس للاستجابة له؛ ستضاف إلى زيارة الأمين العام للأمم المتحدة الشهر قبل الماضي والتي لم تحرك ورائها أي مياه راكدة على مستوى الأزمة السياسية المتصاعدة بسبب استمرار الانقسام العسكري مع انخفاض سقف التوقعات الشعبية من "مؤتمر الحوار الوطني".

 

مصدر قيادي في تكتل اللقاء المشترك, أحد أجنحة حكومة "الوفاق الوطني", تحدث لـ"الأولى" مشيراً إلى أن الكثير من "التمثيل" و "الاستعراض" يكمن في هذا الحدث, حيث إن القوى الدولية, وعلى رأسها مجلس الأمن, تريد تعويض بعض إخفاقاتها في شؤون دولية أخرى هامة وملحة بإظهار أنها نجحت في اليمن, حد قوله.

ويتعامل مجلس الأمن حتى الآن مع الشأن اليمني بموجب الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة, الذي ينص على تقديم التوصيات لحل النزاعات.

واستبعد الباحث المقرعي أن ينتقل مجلس الأمن إلى الفصل السابع الذي يلزم المجلس باتخاذ تدابير أُممية لحفظ السلم والأمن الدوليين بما في ذلك العقوبات وإرسال قوات عسكرية.

وتابع: "ى اعتقد أن مجلس الأمن سينتقل إلى قرارات وتدابير بموجب الفصل السابع, فالأوضاع الراهنة, رغم هشاشتها, إلا أنها لا ترقى إلى مستوى اتخاذ تدابير أُممية بموجب الفصل السابع".

 

الاجتماعات التي عقدها مجلس الأمن خارج مقره نيويورك

تأسس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في العام 1946, أي بعد عام واحد من انتهاء الحرب العالمية الثانية وعقد أول جلسة له في الـ17من يناير 1946, ولم يعقد مجلس الأمن جلسات خارج مقره في الولايات المتحدة الأمريكية, سوى مرات معدودة هي كالتالي:

دورة الانعقاد الأولى من 17يناير إلى 16فبراير في لندن عام 1946, باريس 16سبتمبر 1948, باريس 10نوفمبر 1951, باريس في فبراير 1952, أديس أبابا 28يناير- 4فبراير1972, بنما 21-15مارس 1973, جنيف 25مايو 1990, نيروبي 19-18نوفمبر 2004.

كما عقد المجلس اجتماعات خارج مقرة الحالي في الولايات المتحدة الأمريكية, في منطقة فلوشينج ميدو أند سكسيس ليك بشكل غير منتظم خلال الأعوام 51,50,49,48,1947.

 

مسؤولية مجلس الأمن:

وتخول المادة 24(1) مجلس الأمن في المسؤولية المقام الأول عن وصن السلم والأمن الدوليين.

وكثيراً ما يشار إليها أثناء مناقشة مدى صواب إدراج مجلس الأمن لحالة ما أو بند اختصاصي على جدول أعماله.

ويحتوي الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة على أحكام المواد (33(2) و 36(1) و37(2) و38) تجيز لمجلس الأمن أن يقدم توصيات بشأن التسوية السلمية للمنازعات.

وفي حين لا تعتبر هذه التوصيات ملزمة عند اللجوء لاتخاذ قرارات عقوبية وفقاً للفصل السابع في حال لم تستجب الأطراف, إلا أن هذه التوصيات تؤدي وظيفتها كإجراءات تمهيدية للقرارات العقوبية المنصوص عليها في الفصل السابع.

زر الذهاب إلى الأعلى